كانت محادثات وقف إطلاق النار في غزة على المحك يوم السبت الماضي، وكان مبعوث الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط يريد التوصل إلى اتفاق نهائي مع بنيامين نتنياهو، لكن مكتب رئيس وزراء الاحتلال قال إنه لا يستطيع العمل خلال يوم السبت.
ويقال إن ستيف ويتكوف قدم رداً “لاذعاً” على هذه الحجة، موضحاً أنه لا يهتم إذا كان يوم السبت، هو يوم إجازة اليهود.
ووفقاً لأحد التقارير الصادرة عن صحيفة هآرتس، فقد ذكر ويتكوف أن ترامب كان يتوقع موافقة الاحتلال على وقف إطلاق النار، حيث “اختفت فجأة الأشياء التي وصفها نتنياهو بأنها قضايا حياة أو موت”، إذن، فمن هو ويتكوف، رجل ترامب الجديد في الشرق الأوسط؟
ويتكوف جمهوري وملياردير يهودي أمريكي يعمل في مجال تطوير العقارات، ويخفي صوته الناعم سمعته كمفاوض صارم اكتسب الجرأة على القروض المدعومة بالديون عندما كان مراهقًا يراهن في مضمار السباق.
وحين بدأ مسيرته المهنية في عالم العقارات في مدينة نيويورك في تسعينيات القرن العشرين، كان يحمل مسدساً حول كاحله، وفقًا لما ورد في تحقيق نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في ذلك الوقت.
حظي ويتكوف بالثناء لجهوده في دفع وقف إطلاق النار إلى خط النهاية، وقد أشاد به رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني في خطاب أعلن فيه عن الاتفاق يوم الأربعاء.
كان خطاب آل ثاني قد تم التطفل عليه من قبل ترامب الذي استبقه بالإعلان بنفسه عن التوصل إلى وقف إطلاق نار “ملحمي”، ومن المهم أن نلحظ أن اسم ويتكوف ذُكر قبل مبعوث إدارة بايدن الحالي، بريت ماكجورك.
وليس لدى ويتكوف، النيويوركي الذي تحول إلى جنوب فلوريدا، تدريب رسمي كدبلوماسي، بل إن تعيينه يجسد ازدراء ترامب للبيروقراطيين التقليديين وخبراء السياسة، الذين يتمتعون بخبرة في المنطقة ويتباهون بدرجات عليا في العلاقات الدولية لكنهم يفتقرون إلى الخبرة في القطاع الخاص.
“لدينا أشخاص يعرفون كل شيء عن الشرق الأوسط، لكنهم لا يستطيعون التحدث بشكل سليم، إنه مفاوض عظيم” – ترامب مشيداً بصديقه ويتكوف في مؤتمر صحفي في يناير/كانون الثاني
في ذات المؤتمر، كرر ترامب وعيده سيئ السمعة الآن بأن “كل الجحيم سوف يندلع” في الشرق الأوسط إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة بحلول الوقت الذي يتولى فيه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني.
وحين سأله صحفي عن المزيد من التفاصيل صرخ في وجهه قائلاً “أنت تعرف ماذا يعني ذلك، هل يجب أن أصفه لك؟”.
ربما لا يتمتع ويتكوف بشجاعة ترامب، لكن صداقة رفيقي لعبة الغولف تعود إلى ما يقرب من أربعين عاماً.
بارع في تدوير العقارات
فقد التقى ويتكوف لأول مرة بترامب في عام 1986 عندما كان الأول محامياً شاباً في شركة محاماة للعقارات، وكان الرئيس المستقبلي عميلاً لدى هذه الشركة.
ويقول زملاء ويتكوف أنه استوحى من ترامب فكرة التخلي عن وظيفته في الشركة ودخول مجال العقارات.
بدأ ويتكوف بشراء عقارات صغيرة في برونكس وهارلم خلال أزمة العقارات عام 1987، وكانت صفقاته المبكرة بعيدة كل البعد عن الصفقات التي جاب بها العالم والتي أبرمها لاحقًا في منطقة الخليج، وكان يعتمد على بنك إقليمي صغير يسمى M&T في بوفالو، نيويورك، للحصول على القروض.
ولخفض التكاليف، قام بأعمال البناء في عقاراته بنفسه حتى قيل أنه ترك حفل عشاء ليلة رأس السنة الجديدة عام 1992 لحفر سرداب للصرف الصحي.
ومثل ترامب، كانت إمبراطورية ويتكوف العقارية قائمة على الديون وتتكون من دائرة متماسكة من العائلة والأصدقاء وأقاربهم، وبعضهم وظفهم عندما كانوا عاطلين عن العمل.
وقد قال ويتكوف لصحيفة وول ستريت جورنال في مقابلة عام 1998: “نصلح المباني ونؤجرها ثم نبيعها أو نعيد تمويلها”.
وبحلول ذلك الوقت، كان ويتكوف لاعباً حقيقياً في العقارات في نيويورك مع حراس شخصيين وإمبراطورية مترامية الأطراف من المباني المكتبية.
وتتكون محفظة مجموعة ويتكوف من عقارات في نيويورك وجنوب فلوريدا ولوس أنجلوس، ومن أحدث مشاريعه Shell Bay، وهو مشروع تطوير فاخر للغولف بالقرب من ميامي، حيث تبدأ أسعار الشقق المكونة من غرفة نوم واحدة من 1.9 مليون دولار.
الثناء على دول الخليج
ومثل شركة ترامب، أجرت شركة ويتكوف أعمالًا تجارية مع دول الخليج الغنية بالطاقة، ففي عام 2023، باع فندق بارك لين الفاخر في مانهاتن إلى هيئة الاستثمار القطرية، صندوق الثروة السيادية للبلاد، مقابل 623 مليون دولار، كما استحوذ صندوق الثروة السيادية لأبو ظبي على حصة من الصفقة.
وقد استعان ترامب بمجموعة من خبراء الشرق الأوسط لشغل مناصب حكومية عليا، وغالبًا ما كانوا منتقدين لقطر والإسلام.
وقالت نائبة ويتكوف القادمة، المتحدثة السابقة باسم وزارة الخارجية مورجان أورتاجوس، إنها اعتنقت اليهودية في المملكة العربية السعودية، حيث “يكره الناس اليهود”.
وقد استعان ترامب بإريك تاغر، وهو موظف جمهوري في مجلس الشيوخ انتقد قطر بسبب علاقاتها المزعومة مع حماس والإخوان المسلمين، وكان أعلى مسؤول يشرف على الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.
أما ويتكوف، فنادراً ما يخوض في تفاصيل الثقافة والدين في الشرق الأوسط أو المناقشات حول جماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين، فهو يركز على العمل وكان شاملًا في الإشادة بدول الخليج.
وخلال المنتدى الاقتصادي القطري لعام 20204، أشاد ويتكوف بقطر، واصفًا إياها بأنها “مذهلة للغاية حقًا”، مضيفًا: “كل من خططوا هنا قاموا بعمل جيد حقًا، هذه حكومة قوية، الفنادق هنا رائعة”.
وقد أعرب ويتكوف عن إعجاب مماثل بأجندة الإمارات العربية المتحدة في مجال الأعمال التجارية، ففي ديسمبر/كانون الأول، صعد على المنصة في مؤتمر Bitcoin MENA للعملات المشفرة في أبو ظبي، حيث أن ويتكوف وأبناء ترامب هم المؤسسون المشاركون لشركة World Liberty، وهي شركة لتشفير العملات الرقمية.
ولا يتحدث ويتكوف كثيرًا في الأماكن العامة، ولكن عندما يفعل، فإن كلامه يكون مدروسًا ومتعمدًا.
فعندما سئل عن محادثات وقف إطلاق النار في ظهوره على قناة فوكس نيوز في يناير/كانون الثاني، قال إن “الموقف القوي لترامب، ويقينه في التأكيد على أن الجحيم سوف يندلع هو الذي يحرك الناس”، وأضاف: “الرهائن يعيشون في ظروف مروعة، وحان الوقت ليعود الجميع”.
وبقي ويتكوف ثابتاً دون أن يستفزه رد مضيف فوكس نيوز شون هانيتي الذي قال أن “هناك الكثير من الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم نتيجة لهذا وسيعودون إلى ديارهم وعائلاتهم”.
ومع تصريح ترامب بأنه سيستخدم صفقة الاسرى لتوسيع اتفاقيات اتفاق إبراهيم لعام 2020، فمن المرجح أن يخوض ويتكوف بشكل أعمق في عالم السياسة الخليجية والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
كما قال إنه يريد حل التوترات مع إيران بشأن السلاح النووي “دبلوماسياً، إذا كان الإيرانيون على استعداد للالتزام باتفاقياتهم”، لكنه لم يُظهر الكثير من أوراقه، فبصفته مفاوضًا دائمًا قال: “لن يكون لدينا سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط”.
