هل نجحت نظرية “اسكت هُس” في أي بقعةٍ من هذا العالم؟ هل نجحت في ليبيا القذافي ،رغم ثروتها النفطية التي جعلت مواطنيها في بحبوحة اقتصادية؟
هل نجحت في عراق صدام ، رغم موارده التي كانت تتدفق كالنهر من كل اتجاه؟
هل نجحت في مصر مبارك أو سوريا الأسد؟
هل نجحت إلا في بعض دول الخليج، حيث ريع النفط منح الشعوب رغد العيش وأشغلها بمباهج الحياة عن التفكير في أي شيء آخر؟
إذا كانت الأنظمة تبحث عن استقرارٍ قسري عبر سياسة إسكات الأصوات، فهي كمن يبحث عن العنقاء والخل الوفي و ابو رجلٍ مسلوخة—أي أنها تسعى وراء المستحيل. فلا شيء يدوم، والقمع الذي يبدو في لحظةٍ وكأنه مُحكمٌ ، هو ذاته الذي يُغرق الطغاة في لحظةٍ لم تخطر لهم ببال. ومن قلب هذا الواقع الكابوسي، تبرز قضية الدكتورة ندى مغيث ، ابنة الأكاديمي والمفكر التربوي كم المغيث ، وزوجة الفنان والرسام أشرف عمر ، التي وجدت نفسها اليوم داخل دوامة الظلم، لأنها تجرأت فقط على أن تكون زوجة وفية، وإنسانةً حرة.تدافع عن حرية وحقوق زوجها.
مشهد عبثيّ يكشف مدى تغوّل منطق القمع،
فاعتقال ندى مغيث، تم فقط لأنها لم تقبل أن تصمت أمام الظلم الذي طال زوجها، الرسام أشرف عمر، والمعتقل منذ شهور بسبب رسوماته التي تفضح الطغيان. وكأن النظام يُراد له ألا يكتفي بحبس الفنان، بل يريد أن يُكمم فم زوجته، ويُخيف أسرته، ويُحطم روحه، في رسالةٍ واضحة لكل من تُسول له نفسه أن يرفع صوته يومًا:
“اسكت هُس!” أو التُهم الجاهزة التي يُلقيها الاستبداد في وجه كل حرٍّ: الانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة، زعزعة استقرار الدولة!
وكأن الدولة لا تزعزعها السرقة و الفشل والفساد وانهيار الجنيه، بل تهتزّ أمام قلم رسام أو كلمات أكاديمية تُطالب بحق زوجها!
لم يكن اعتقال زوجها هو المصيبة الوحيدة، بل كشفت ندى مغيث أن قوات الأمن استولت على 339 ألف جنيه من منزلها أثناء القبض على زوجها، لكنها فوجئت بأن المحضر الرسمي ذكر فقط 80 ألفًا! فسألت أين ذهب الفارق؟ اين هذه الأموال؟ويا لها من جريمه، أن تسأل سيدة مثل هذا السؤال فالاعتراض على السرقة تهمة يُعاقب عليها بالسجن والاضطهاد.
إن ما يحدث مع ندى مغيث وأشرف عمر ليس قصة فردية، بل هو نموذجٌ لآلة القمع ، لكن التاريخ لم يشهد استبدادًا انتصر إلى الأبد، ولم يُسجل أن الطغيان استطاع أن يكمّم أفواه الناس للأبد. فهل يتعظ العقلاء قبل فوات الأوان؟ أم أن مصيرهم سيكون كمن سبقهم؟
نسخ الرابط تم نسخ الرابط