أخبار عاجلة

يوسف عبداللطيف يكتب: الإسكندرية .. مدينة تتحدى الزمن وترسم المستقبل وتفوق الخيال

اعترف بأنني عاشق للإسكندرية .. أقولها بكل صدق وجرأة، ليس فقط لأنها مدينة ساحرة بامتياز، ولكن لأنها تمثل حالة استثنائية في الوجود الإنساني والحضاري.

حين تقف على أرضها، تشعر وكأنك في قلب دولة مستقلة، دولة تمتلك مقومات مذهلة تجعلها قادرة على المنافسة عالميًا، وليس فقط محليًا.

الإسكندرية ليست مجرد مدينة ساحلية أو ميناء حيوي، بل هي منظومة كاملة تعكس قوة الاقتصاد، الفن، التاريخ، والتعليم. مدينة بهذا الحجم والتنوع، تتفوق على كثير من العواصم الكبرى في العالم، وتجسد أبعادًا تاريخية وحضارية لا يمكن تجاهلها.

الإسكندرية مدينة حية نابضة، تاريخها يمتد لآلاف السنين، ومكانتها محفوظة في قلوب من عرفوها وأحبوا روحها. الإسكندرية ليست مجرد نقطة على الخريطة، بل هي مركز للعطاء والابتكار.

هذا العشق يتجاوز حدود الوصف، فهو شعور يتغلغل في أعماق الروح، إحساس بالانتماء لا يُفسر، وكأن هذه المدينة القديمة قد أصبحت جزءًا من كياني.

الإسكندرية ليست مجرد مدينة بالنسبة لي، إنها مكان يتنفس الحياة، يفيض بالحضارة، ويخفق بالجمال. لا أستطيع أن أرى نفسي منفصلًا عنها، فكل زاوية فيها تحكي قصة، وكل نسمة بحر تحمل ذكريات.

الإسكندرية دولة بقلب نابض، ليست مجرد مدينة ساحلية عابرة. فيها أربعة موانئ عملاقة، ميناء الإسكندرية، الدخيلة، أبوقير، وسيدي كرير للبترول، التي لا تتوقف عن استيراد وتصدير الحياة الاقتصادية لمصر.

كيف يمكن ألا تعشق مدينة تحتضن كل هذا الزخم الاقتصادي؟ ميناؤها لا يهدأ، يشهد حركة تجارية تساهم في بناء الاقتصاد الوطني، بينما تطل المدينة على العالم بثقة، متحدية كبرى العواصم الاقتصادية.

أغوص في شوارع الإسكندرية كمن يبحث عن كنز دفين، وأجد نفسي مذهولًا بتفاصيلها المعمارية وروحها التي لا تشبه مكانًا آخر. المدينة تطير بأجنحة مطارين: مطار النزهة ومطار برج العرب.

هذه المرافق تجعلها محورًا عالميًا للسفر، حيث يلتقي فيها العالم شرقه وغربه. ما يجعلني أشد عشقًا هو إدراكي بأنني في مدينة لا تتوقف عن الحلم والتطور، مدينة تقدم المستقبل وتستوعب الماضي في آن واحد.

وأكثر ما يجعلني متيمًا بالإسكندرية هو قدرتها على الجمع بين الزراعة والصناعة. أبيس والهوارية بمساحاتها الزراعية، ومنطقة برج العرب الصناعية تعكس قدرة المدينة على التنوع، على البقاء حية ونابضة مهما تغير الزمن.

هي مدينة تفاجئني دائمًا بما تمتلكه من موارد، وكأنها تقول لي: “أنا أكثر من مجرد مدينة ساحلية، أنا قلب مصر الاقتصادي والزراعي.”

الإسكندرية مدينة تحتضن 70% من الصناعات البترولية في مصر، فهي مدينة الطاقة بامتياز. كيف لا أعشق مدينة بهذا التأثير الحيوي على اقتصاد البلاد؟ هي المدينة التي تُضيء مصر بمحطتيها الكبيرتين لتوليد الطاقة الكهربائية في أبوقير وسيدي كرير.

هنا، تولد الطاقة التي تدفع عجلة الحياة في مصر، وهنا ينبض قلب الاقتصاد بكل قوته. لا يمكن لأي عاشق أن يقف عند هذا الحد دون أن يشعر بالفخر الشديد.

وما يزيد عشقي هو عالم التعليم والثقافة الذي تحتويه هذه المدينة .. هي عاصمة تعليمية .. بها أربع جامعات كبرى، منها جامعة الإسكندرية

كم مدينة في العالم تستطيع أن تفتخر بهذا الكم من المؤسسات التعليمية الرائدة؟ الإسكندرية هي من أنجبت عقولًا حازت على جوائز نوبل، إنها مدينة التعليم والمعرفة وتعكس مدى تميز المدينة في تقديم العقول المبدعة.

ولم تتوقف عند ذلك، بل تحتضن الثقافة والتاريخ بشكل مذهل. الإسكندرية تحتوي على أكبر صرح ثقافي في مصر، مكتبة الإسكندرية، هذا الصرح الثقافي العملاق، هي مرآة للإنسانية، شاهدة على حب الإسكندرية للمعرفة والتنوير.

هذه المكتبة ليست مجرد مجموعة من الكتب، إنها رمز للحضارة والمعرفة، تُذكر العالم بأن الإسكندرية كانت وستظل مركزًا ثقافيًا عالميًا. وعلى الرغم من التطورات الحديثة، تحتفظ الإسكندرية بروحها الدينية والتراثية.

المدينة التي تحتوي على أكبر عدد من مقابر أولياء الله الصالحين في مصر، وتضم مساجد تاريخية كجامع الألف عمود وجامع العطارين، ما يجعلها مكانًا يتناغم فيه الدين مع الحياة اليومية.

الإسكندرية تجمع بين الأصالة والحداثة بطريقة ساحرة. من مساجدها القديمة التي تعد من أول خمسة مساجد في مصر، إلى قلاعها وقصورها الملكية التي تحكي عن عظمة ماضيها الملكي. هنا تتشابك الأديان والتاريخ في نسيج واحد، ليظهر جمال المدينة التي لا تنسى جذورها.

ولا يمكن الحديث عن الإسكندرية دون الإشارة إلى عشق شعبها لها. هذا الشعب الذي يعشق تراب مدينته كما لو كان جزءًا من روحه .. هو شعب يعرف قيمة الأرض التي يعيش عليها، هذا الحب غير المشروط الذي يتجاوز الحدود العقلانية.

هذا الحب العميق لتاريخ المدينة، لشواطئها ولشوارعها، ويدرك أن الإسكندرية ليست مجرد مكان، بل هي هويته، شرفه، ومستقبله .. هو ما يجعل الإسكندرية أكثر من مجرد مدينة. إنه رابط روحاني بين الأرض والإنسان، رابط يعيد تعريف الانتماء.

الإسكندرية، بكل ما تمتلكه من تاريخ وإنجازات، ليست مجرد وجهة جغرافية، بل هي تجربة متكاملة، دولة بحد ذاتها داخل جمهورية مصر.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق فضيحة إنسانية: تدهور 81% من خيام النازحين في غزة و110 آلاف خيمة خرجت عن الخدمة
التالى موقع أخبار الغد يعلن عن احتفاله السنوي لتكريم أفضل شخصيات عام 2024