في تطور ميداني جديد في جنوب مدينة غزة تعرض حي الصبرة وحي تل الهوا لقصف مدفعي عنيف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ما أدى إلى وقوع أضرار مادية كبيرة في الممتلكات. مصادر محلية عبرية أفادت بأن القصف طال المنازل والبنية التحتية في هذين الحيين المكتظين بالسكان.
القصف المدفعي جاء بعد ساعات من تصاعد التوترات العسكرية في القطاع وهو ما يرفع من حدة الوضع الأمني الذي يعيش فيه سكان غزة. وتُعد هذه الهجمات جزءًا من سلسلة من الهجمات الإسرائيلية على مناطق متعددة في القطاع والتي تستهدف المدنيين والمنازل على حد سواء.
على صعيد آخر كشفت هيئة البث العبرية عن معلومات مصدرها مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الإسرائيلية الذي أشار إلى أن تل أبيب طلبت من السلطات الفلسطينية إبعاد الأسرى الفلسطينيين من الضفة الغربية. ووفقا للمصدر فإن هذا الطلب يأتي في إطار تخوفات إسرائيلية من أن يؤدي استمرار وجود هؤلاء الأسرى في الضفة إلى إعطائهم فرصة للظهور كرموز للانتصار السياسي أمام الرأي العام الفلسطيني والدولي وهو ما قد ينعكس سلبا على موقف حكومة بنيامين نتنياهو ويضر بمصداقيتها داخليا وخارجيا.
وفي تعليق على هذا الموقف قالت مصادر فلسطينية إن هذا الطلب يكشف مرة أخرى عن نوايا الاحتلال في إضعاف الإرادة الفلسطينية وإبقاء الأسرى بعيدًا عن الأضواء بعد أن أصبحوا رموزًا للكفاح الفلسطيني. تزامن هذا التحرك الإسرائيلي مع تصاعد الدعوات الدولية لإنهاء الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين ووقف سياسة الاعتقال الإداري التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية.
القصف المدفعي على حي الصبرة وتل الهوا لم يكن الأول من نوعه خلال الأيام القليلة الماضية فقد شهدت مناطق مختلفة في قطاع غزة عددا من الهجمات الجوية والمدفعية التي تسببت في مقتل وجرح العديد من المدنيين. كما تم تدمير العديد من المباني السكنية والتجارية مما يفاقم الوضع الإنساني في غزة التي تعاني أصلا من نقص في الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء جراء الحصار الإسرائيلي المستمر.
من جهة أخرى، أظهرت التحليلات العسكرية أن استهداف الاحتلال للمدن الفلسطينية يأتي في إطار محاولات إسرائيل لردع المقاومة الفلسطينية وتفكيك بنيتها التحتية. إلا أن هذه الهجمات تثير المزيد من الغضب في صفوف الفلسطينيين الذين يعتبرون هذه الأعمال بمثابة انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وقوانين الحرب الدولية.
وفي الوقت نفسه كانت هناك ردود فعل منظمات حقوق الإنسان الدولية التي أدانت بشدة استمرار القصف على الأحياء السكنية في غزة معتبرة أنه يشكل جريمة حرب جديدة بحق المدنيين. وطالبت هذه المنظمات المجتمع الدولي بضرورة التدخل العاجل للضغط على إسرائيل لوقف هذه الهجمات وتحميلها مسؤولية ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تدمير وحصار مستمر.
أما بالنسبة لطلب الاحتلال بإبعاد الأسرى الفلسطينيين خارج الضفة الغربية فقد اعتبرت مصادر حقوقية فلسطينية هذا الطلب بمثابة خطوة غير قانونية تهدف إلى تقويض النضال الفلسطيني داخل السجون الإسرائيلية. وكان من المقرر أن يتم عقد اجتماعات بين الحكومة الإسرائيلية وعدد من الجهات الدولية لمناقشة مصير الأسرى الفلسطينيين والسبل الممكنة لتحسين ظروفهم في المعتقلات.
النقل الجوي للأسرى الفلسطينيين إلى خارج الضفة الغربية قد يزيد من تعقيد الوضع الإنساني للأسرى أنفسهم حيث يصعب عليهم التواصل مع عائلاتهم وأماكن نشأتهم في الضفة الغربية. في الوقت الذي يعاني فيه هؤلاء الأسرى من ظروف اعتقال قاسية داخل السجون الإسرائيلية يرفض الاحتلال أي شكل من أشكال الضغط الدولي لإطلاق سراحهم أو تحسين ظروفهم.
في إطار هذا التصعيد العسكري والضغط السياسي تستمر التحركات الدبلوماسية الدولية للمطالبة بحل سياسي دائم في المنطقة إلا أن الرد الإسرائيلي على هذه الضغوط غالبا ما يكون بالتصعيد العسكري على الأرض. وفي وقت متزامن مع استمرار الاعتداءات على غزة وفلسطين يزداد القلق الدولي من تداعيات الوضع الراهن الذي قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد العسكري في المنطقة.
بينما يواصل الاحتلال قصفه على قطاع غزة وتهديده للأسرى الفلسطينيين يظل السؤال المركزي هو مدى قدرة المجتمع الدولي على التدخل بشكل فعال لوقف هذه الانتهاكات والضغط على إسرائيل لتحقيق وقف إطلاق النار وحل سياسي عادل يضمن حقوق الفلسطينيين في العودة والاستقلال.
وتظل الأوضاع في غزة والضفة الغربية في حالة من التوتر الشديد وسط استمرار القصف الإسرائيلي وتحركاته العسكرية التي تزداد يوما بعد يوم بينما تبقى قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية محورًا رئيسيًا في النقاشات السياسية والحقوقية على الساحة الدولية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط