في خطوة مثيرة للدهشة ولها أبعاد خطيرة على مستقبل الهيئة العامة لقصور الثقافة في إقليم وسط وغرب الدلتا، صدر قرار غريب عن محمد عبد الحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والذي عين فيه أميرة مجاهد مديرة لإدارة التخطيط والمتابعة للأنشطة الثقافية والنشر في الإقليم، وهو قرار لم يُصدر مثله في الهيئة من قبل، مما أثار الكثير من التساؤلات بين الموظفين حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التعيين.
من المعروف أن أميرة مجاهد، التي يُلقبها البعض بـ “المرأة الحديدية” و”السيدة الحسناء” على لسان محمد عمارة، لم تكن تتمتع بأي خلفية تتعلق بالكفاءة الإدارية في مجال الثقافة، مما يعكس مدى انعدام الجدية في اتخاذ القرارات داخل الهيئة.
ولا شك أن هذا التعيين يثير الريبة بشكل كبير، خاصة وأن مجاهد كانت قد تم انتدابها سابقاً إلى الأوبرا وتم إنهاء ندبها بناءً على توصيات أمنية ورقابية، الأمر الذي يعلمه تماماً محمد عبد الحافظ ناصف الذي لم يستشر الرئيس المباشر لأميرة مجاهد، أحمد درويش، رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي.
ما يجعل هذا القرار أكثر إثارة للجدل هو أنه لم يصدر أي قرار مماثل في الهيئة بأكملها، كما أنه تم اتخاذه في وقت حساس للغاية، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى تأثير العلاقات الشخصية على اتخاذ القرارات الإدارية بدلاً من الاعتماد على الكفاءة والخبرة.
من جهة أخرى، تساءل الموظفون: لماذا تم اتخاذ قرار تعيين أميرة مجاهد بسرعة البرق، بينما لا يزال قرار إعادة توزيع العاملين في الإقليم، بناءً على هيكلة الإدارة، قابعاً في الأدراج منذ عدة شهور؟
ولكن العجب الأكبر هو أن هذا القرار يخص إدارة كانت تديرها نورهان التي شغلت المنصب لمدة عشرين عاماً بكل كفاءة، وحرصت على أداء مهامها بشكل جاد، دون أن يطالب أحمد درويش، رئيس الإقليم، بإقالتها أو استبدالها. فهل كانت العلاقة الشخصية بين أميرة مجاهد ومحمد عمارة هي العامل الأبرز في اتخاذ هذا القرار؟
يبدو أن هذا القرار، الذي لم يتم اتخاذه بناءً على معايير الكفاءة أو الخبرة، قد تسبب في إحباط كبير لدى العاملين في الهيئة.
فبينما يتسائل الجميع عن سبب اتخاذ هذا القرار فجأة، يظل الغموض يكتنف القرار الخاص بمحمد حسني حمادي، مدير إدارة الموارد البشرية في الإقليم، والذي صدرت ضده توصية باستبعاده منذ ستة أشهر بناءً على تقرير لجنة فحص برئاسة حسان حسن مدير عام القضايا، بسبب مخالفات مالية وإدارية وصدور عدة جزاءات ضده من المحكمة التأديبية، إلا أن القرار باستبعاده لم يُتخذ حتى الآن.
في حين أن القرار الخاص بأميرة مجاهد تم اتخاذه في غضون ساعات، بعد أن كانت هناك رغبة واضحة من محمد عمارة في إزاحة الزميلة مديرة الإدارة الفعلية، لمجرد المجاملة والمحسوبية.
وهكذا يظهر بوضوح كيف أن الهيئة لا تولي أي اهتمام للكفاءة أو الخبرة في اتخاذ القرارات الإدارية، بل تقتصر القرارات على العلاقات الشخصية والمجاملات.
وفي الوقت الذي يعيش فيه الموظفون حالة من الإحباط، كان من المفترض أن يضع وزير الثقافة، الدكتور أحمد هنو، حداً لهذه الممارسات الخاطئة التي أضرت بشكل كبير بمصداقية الهيئة العامة لقصور الثقافة.
فإن من واجب الوزارة تصحيح هذه المخالفات الجسيمة التي أفقدت العاملين الثقة في القيادة الحالية، وأظهرت بشكل جلي الفساد الإداري المستشري في الهيئة، حيث أن التعيينات في الإدارات العليا والوسطى أصبحت تتم بناءً على معيار الحب والثقة وليس على أساس الكفاءة والخبرة.
في النهاية، لا بد من الإشارة إلى أن الهيئة العامة لقصور الثقافة في إقليم وسط وغرب الدلتا الثقافي تعيش حالياً في قلب نهر من الفساد، الذي لا يبدو أنه سينتهي قريباً في ظل هذه الممارسات غير السليمة. إن الفساد الإداري والمحسوبية والتعيينات غير المستحقة ستظل عائقاً أمام تطور الثقافة والفنون في مصر، ما لم تتحرك الوزارة بشكل جاد لتصحيح هذا المسار المشوه.
إن هذه القضية تكشف عن مستوى غير مسبوق من الفساد الإداري داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، وتكشف عن مدى تواطؤ بعض الأفراد في اتخاذ قرارات تُظهر المحسوبية وتغلب المصالح الشخصية على المصلحة العامة.
إننا ننتظر من وزير الثقافة، الدكتور أحمد هنو، أن يتحمل مسؤولياته ويضع حداً لهذه الفوضى التي تُعصف بالمستقبل الثقافي للبلاد، وأن يتخذ قرارات حاسمة من أجل تصحيح الوضع الحالي قبل أن تتفاقم المشكلة وتؤدي إلى نتائج كارثية على مستوى الثقافة والفنون في مصر.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط