يتمسك صناع السياسة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالرواية القائلة: إن السياسة النقدية «في وضع جيد» للتكيف مع أي مخاطر مستقبلية، سواء كانت صعودية أو هبوطية. ولكن الواقع قد يكون أقرب إلى أن السياسة النقدية عالقة في مكانها، غير قادرة على التحرك في أي اتجاه.
ومع وجود العديد من العوامل المجهولة التي تحيط بالاقتصاد والسياسة في واشنطن، لا يجد البنك المركزي سوى خيار واحد حالياً، هو التمسك بوضع محايد، بينما ينتظر وضوح الرؤية بشأن المسار الاقتصادي المستقبلي.
عدم اليقين يهيمن على القرارات النقدية
وأوضح رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، في منشور على مدونته، أن هناك حالة من الحماسة، خاصة بين البنوك، بشأن التغييرات المحتملة في السياسات الضريبية والتنظيمية. لكنه أشار أيضاً إلى انتشار القلق من تأثير سياسات التجارة والهجرة في الاقتصاد، قائلاً: «هذه التناقضات تضيف المزيد من التعقيد إلى عملية صنع القرار».
وجاءت تصريحات بوستيك خلال أسبوع حافل بتصريحات مسؤولي الفيدرالي، حيث عبّر عدد منهم عن قلقهم المتزايد بشأن التقلبات الناجمة عن السياسات الاقتصادية والتجارية التي يتبعها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وفي محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يومي 28 و29 يناير، تم ذكر كلمة «عدم اليقين» 12 مرة، مع الإشارة إلى عدم اليقين المتزايد في ما يتعلق بنطاق وتوقيت وتأثيرات التغيرات المحتملة في سياسات التجارة والهجرة والضرائب والتنظيم.
التضخم والبطالة
ويلعب عدم اليقين دوراً رئيسياً في قرارات الفيدرالي، حيث يؤثر في سوق العمل واستقرار الأسعار. وعلى الرغم من استقرار سوق التوظيف نسبياً، فإن التضخم لا يزال أقل من الهدف البالغ 2%، وهو مستوى لم يتحقق منذ أربع سنوات.
وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، ألبرتو موسالم: «إن مخاطر التضخم ما زالت تميل نحو الارتفاع، لكنه أوضح أن العودة إلى هدف 2% ستتطلب وقتاً، بشرط أن تبقى السياسة النقدية معتدلة التقييد»، في إشارة إلى نطاق الفائدة الحالي بين 4.25% و4.5%.
أما رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستن جولسبي، فقد كان أكثر حذراً في تقييمه لتأثير التعريفات الجمركية، مشيراً إلى أن تأثيرها يعتمد على مدى انتشارها وحجمها. وأضاف: «كلما بدت التعريفات وكأنها صدمة بحجم أزمة كوفيد، زاد القلق بشأنها».
مخاطر مالية
وإلى جانب التضخم، أظهر محضر الاجتماع أن الاحتياطي الفيدرالي قلق أيضاً بشأن الاستقرار المالي، حيث وصف المخاطر في هذا الجانب بأنها «ملحوظة»، خصوصاً في ما يتعلق بمستويات الرفع المالي وحجم الديون طويلة الأجل التي تحتفظ بها البنوك.
وفي هذا السياق، حذر كبير الاقتصاديين في «موديز»، مارك زاندي، من مخاطر محتملة في سوق السندات الأمريكي، الذي تبلغ قيمته 46.2 تريليون دولار.