تنفس المستثمرون الصعداء بعد ما تبين أن السياسة الأولية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية أقل صرامة مما كانوا يخشون، غير أن الغموض الذي يكتنف هذه السياسية ينذر بحالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية.
وكان ترامب قد تعهد بفرض رسوم جمركية باهظة تتراوح بين 10 و20 بالمئة على الواردات العالمية إلى الولايات المتحدة و60 بالمئة على السلع القادمة من الصين.
وبعد توليه منصبه يوم الاثنين، لم يفرض ترامب رسوما جمركية على الفور، وإنما أصدر أمرا يوجه الوكالات «بالتحقيق في العجز التجاري الأمريكي ومعالجته».
ومع ذلك، وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أخبر ترامب المراسلين بأنه يفكر في فرض رسوم جمركية 25 بالمئة على المكسيك وكندا في الأول من فبراير/ شباط، وهو الموعد الذي قال إن إدارته تبحث أن تفرض فيه رسوما 10 بالمئة على الصين. كما تعهد بفرض رسوم على الاتحاد الأوروبي بسبب الاختلالات التجارية معه.
وبشكل عام، أدى هذا إلى تقلبات في الأسواق. فقد استعاد الدولار بعض مكاسبه مقابل البيزو المكسيكي والدولار الكندي بمجرد أن أدلى ترامب بتصريحاته. وكان قد انخفض في بادئ الأمر بسبب الأخبار التي تفيد بأنه لن تكون هناك رسوم جمركية.
وقال مات ويلر، رئيس أبحاث السوق في ستون إكس «لا يزال مدى سياسات ترامب الخاصة بالحماية التجارية هو التركيز الأساسي للسوق، وحتى الآن، هناك علامات مبكرة على أنه قد يكون أقل قوة (في ما يتعلق بفرض الرسوم) مما كان يُخشى».
اليقين الوحيد هو عدم اليقين
وأكدت الساعات الأربع والعشرون الأولى من رئاسة ترامب ما يتوقعه المستثمرون أن يكون حقيقة جديدة للأسواق، وهو أن اليقين الوحيد بشأن رئاسة ترامب الثانية هو عدم اليقين على ما يبدو.
وساد ارتياح في الأسواق الصينية بعد أن تجنبت بكين «عاصفة» فورية من الأوامر التنفيذية الأمريكية، في حين سجل البيزو المكسيكي والدولار الكندي مكاسب، الثلاثاء بعد انخفاضهما في اليوم السابق.
وقال كالي كوكس، كبير استراتيجيي السوق في ريثولتز لإدارة الثروات، «تمر الأسواق بلحظة من عدم اتضاح الرؤية. لم تُفرض رسوم باهظة في اليوم الأول (من رئاسة ترامب)، وقد لا تزال التفاصيل الملموسة بعيدة المنال».
وقال نايجل جرين الرئيس التنفيذي لمجموعة دي فير الاستشارية المالية إن عواقب فرض رسوم جمركية 25 بالمئة على المكسيك وكندا «قد تكون كارثية».
وارتفع اليوان الصيني وأسهم هونج كونج أمس الثلاثاء. لكن أسهم شركات تصنيع البطاريات وطاقة الرياح انخفضت بعد أن أكد ترامب أنه سيعدل عن سياسات الطاقة الخضراء ويسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.
وقد تدفع جولة قوية من الرسوم الجمركية الأمريكية الاقتصادات من كندا إلى أوروبا إلى الركود.
«التقلبات تمنحنا الفرص»
ومع ذلك، فإن عدم القدرة على التنبؤ بالسياسات الأمريكية لا تفزع جميع المستثمرين.
وقال كونستانتين فيت، مدير المحافظ الأوروبية في شركة بيمكو العملاقة للسندات «نحن مديرون نشطون، لذا فهذه بيئة رائعة بالنسبة لنا، نحن نحب عدم اليقين ونحب التقلبات لأنها تمنحنا الفرص».
وتتوقع بيمكو أن يؤدي التأثير السلبي للرسوم الجمركية إلى خفض أسعار الفائدة في أوروبا وأماكن أخرى، ولكنها قد تدفع أيضا عائد سندات الخزانة الأمريكية إلى خمسة بالمئة.
ويتولى ترامب منصبه بجدول أعمال طموح يشمل التجارة والهجرة وخفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، وهو ما من شأنه أن يعزز الاقتصاد الأمريكي. (رويترز)