«ذا إيكونوميك تايمز»
في عالم التنبؤ بالأعمال، يسود عدم اليقين. فالمشهد محفوف بعدم القدرة على التنبؤ، ويخلو من إطار موحد أو أدوات تضمن دقة التنبؤات. إنها لعبة محفوفة بالمخاطر حيث يفشل حتى أكثر المتنبئين خبرة في كثير من الأحيان في تحقيق التوقعات، ما يجعل الشركات عُرضة للاضطرابات والتقلبات غير المتوقعة.
وعلى النقيض من الدقة التي تتسم بها التخصصات العلمية، تفتقر التنبؤات التجارية إلى مجموعة مشتركة من التوقعات أو المنهجيات. وأفضل نتيجة يمكن أن نأملها هي تجنب الأخطاء الفادحة، وهو هدف متواضع لا يزال بعيد المنال بالنسبة للعديد من المتنبئين. والواقع أن الحالات سيئة السمعة للتنبؤات الفاشلة، مثل المرونة غير المتوقعة للاقتصاد أثناء الركود المتوقع أو الانهيار غير المتوقع لسوق الإسكان في عام 2008، تشكل تذكيراً صارخاً بالتحديات المتأصلة في هذا المجال.
التنبؤ بالأعمال التجارية يعمل في بيئة ديناميكية تتسم بالتغيرات المستمرة والتأثيرات الخارجية التي تتحدى التحليل التقليدي. والمؤشرات الاقتصادية، واتجاهات السوق، والأحداث الجيوسياسية، وسلوك المستهلك ليست سوى عدد قليل من العوامل العديدة التي يمكن أن تغير بسرعة مسار التوقعات، ما يجعل حتى أكثر التوقعات دقة في الصياغة عتيقة.
وعلاوة على ذلك، تعمل الطبيعة المترابطة للأسواق العالمية على تضخيم التأثيرات المتتالية للأحداث غير المتوقعة، ما يؤدي إلى تضخيم المخاطر المرتبطة بالتنبؤات غير الدقيقة. ويمكن أن يؤدي أي اضطراب بسيط في أحد أركان العالم إلى إحداث سلسلة من ردود الفعل التي تتردد أصداؤها عبر الصناعات والقارات، ما يؤكد هشاشة توقعات الأعمال في اقتصاد مترابط.
في خضم بحر البيانات والنماذج الإحصائية يكمن العنصر البشري في التنبؤ بالأعمال. فخلف كل تنبؤ يوجد فريق من المحللين والاقتصاديين وصناع القرار الذين يتصارعون مع المعلومات غير الكاملة والتحيزات المعرفية التي يمكن أن تحرف تقييماتهم. وكثيراً ما تؤثر المشاعر والأحكام الذاتية والتفكير الجماعي في نتائج التنبؤ، ما يؤدي إلى إدخال عنصر من عدم القدرة على التنبؤ يتجاوز التحليلات الرقمية.
ورغم أن التطورات التكنولوجية مكنت من أتمتة بعض عمليات التنبؤ، فإن اللمسة البشرية تظل لا غنى عنها في تفسير مجموعات البيانات المعقدة، وتحديد الأنماط، واتخاذ القرارات الاستراتيجية استناداً إلى رؤى دقيقة. ويشكل دمج الخبرة البشرية مع التحليلات المتطورة أهمية بالغة في التعامل مع التضاريس الخطرة للتنبؤ بالأعمال، حيث تلعب الحدس والخبرة دوراً محورياً إلى جانب الخوارزميات والتعلم الآلي.