ويليام ليفين *
مع فوز ترامب المثير، تصدّر وعد إيلون ماسك بخفض تريليوني دولار من الإنفاق الفيدرالي عناوين الصحف الأمريكية. ولكن حتى الآن، لم يُنظر إلى هذا الهدف بجدية. فمع انخفاض الإنفاق الفيدرالي «التقديري»، باستثناء الجيش، إلى أقل من تريليون دولار، فإننا على يقين من أن وعد ماسك غير واقعي، أو لا يمكن تحقيقه إلا من خلال هجوم انتحاري على برامج الضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، وبرامج حماية الدخل، وغيرها من الاستحقاقات.
لكن ماسك لا يتحدث من فراغ. فقد كُلف بالفعل، إلى جانب رجل الأعمال فيفيك راماسوامي، بإدارة لجنة جديدة لخفض الهدر والاحتيال من خلال وزارة كفاءة الحكومة المنشأة حديثاً. واعداً بأن هذا الجهد سيرسل موجات صدمة عبر كامل النظام القائم.
وبحلول يونيو/حزيران 2026، ستحدد الوزارة مليارات الدولارات الفيدرالية المنفقة في قنوات خاطئة. والأهم من ذلك، أنها ستعيد تشكيل آلية تقديم الخدمات الحكومية لجيل قادم. وهذا هو الإنجاز الحقيقي الذي يمكن لماسك ورامسوامي تحقيقه، فكل أمريكي سيستفيد من كسب المزيد بالدولارات الحقيقية، والاحتفاظ بالمزيد مما يكسبه.
ومع ذلك، يجب أن تحتكم الوزارة الجديدة إلى العقلانية المالية الدائمة، عبر تحقيق تخفيضات كبيرة في الإنفاق دون المساس بحقوق الأمريكيين. وهو ما يعني بوضوح الحفاظ على 100% من جميع برامج الاستحقاقات آنفة الذكر، لا بل وتعزيزها بمعدلات أكثر من ضعف معدل التضخم.
ولمعالجة الجدوى، من الأفضل أن نبدأ بالموضوع الأكثر صعوبة وهو البرامج الإلزامية. ففي لغة الميزانية، لا يكون الإلزامي ثابتاً، أو دائماً، أو غير قابل للتغيير. إنه يعني ببساطة أن الإنفاق مطلوب بموجب القانون. كما لا يوجد فرق مبدئي بين البرامج التقديرية، التي يجب أن يقترحها الرئيس ويصدرها قانوناً، والبرامج الإلزامية، التي سُنّت ويمكن تغييرها بموجب القانون.
والقضية الحقيقية التالية هي التضخم. وكما أدرك الأمريكيون، فإن مقياس الحكومة للتضخم لا يعكس بدقة الزيادات في كلف المعيشة. خذ الضمان الاجتماعي كمثال. حيث هناك نحو مئة وأربعة وثمانين مليون أمريكي يدفعون من مرتباتهم الشهرية لدعم معاشات تقاعدهم، والإعاقة، وإعالة أفراد الأسرة، في برنامج يدعم حالياً 68 مليون مستفيد. ومع التضخم الطويل الأجل، يعاني العامل انخفاضاً في مستوى المعيشة خلال سنوات العمل، وعند هذه النقطة يحصل على منفعة ثابتة ومفهرسة بمؤشر أسعار المستهلك، تتآكل قيمتها الحقيقية بعد ذلك في التقاعد. بالتالي، الجميع يخسرون.
إن عودة أمريكا إلى طريق الرخاء تعتمد على قضاء الضغوط النقدية التي تسبب التضخم. ونمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عند معدل تضخم منخفض للغاية هو الضامن الحقيقي والمستدام الوحيد للإنفاق على برامج الإعانة الفيدرالية. وفي هذا الاقتصاد، يمكن أن يزيد الإنفاق على الاستحقاقات كل عام، بمعدل مركب 2.5%، بحيث تزيد الفوائد الحقيقية بشكل أسرع من التضخم.
وفي هذه العملية، يتقلص العجز بشكل كبير، ولكنه مع ذلك يظل قائماً، ويرجع ذلك بالكامل إلى عبء الفائدة من الإفراط في الإنفاق السابق. إنه صداع ما بعد الحفلة الذي لا مفرّ منه والذي نعانيه جميعاً، بسبب زيادة نفقات الفائدة إلى تريليون دولار وارتفاعها. والخبر السار هو أن العجز يزداد بشكل أبطأ من الناتج المحلي الإجمالي (1.2% مقابل 3.5%)، ما سيخفض بمرور الوقت عبء الدين الفيدرالي.
افترضت الوكالات الحكومية على مدى عقود من الزمان، وبشكل صحيح، أنها ستحصل على المزيد من المال كل عام، وكل دورة ميزانية، وكل إدارة، بغض النظر عن الغرض، والتكنولوجيا، والبدائل في القطاع الخاص. لكن الحل ليس بالضرورة إلغاء إدارات بأكملها. فالتغيير يتطلب نشر الأهداف والوقت بدلاً من تركيز الاهتمام على هدف واحد.
وبعيداً عن ذلك، يتعين على كل وزارة فيدرالية، باستثناء الدفاع، أن تدير أمورها ضد انخفاض سنوي لا يقل عن 5% في التفويض بالميزانية، على مدى أفق زمني يمتد لعشر سنوات. ولن يشعر الأمريكيون بأي تأثير ملموس، حيث سيتم الحفاظ على البرامج الحاسمة، وتنفيذ التكنولوجيا، وتحقيق النهج الجديد، وتحويل الموارد إلى القطاع الخاص. والفائدة الإجمالية هي التمويل المتاح للاستحقاقات وانخفاض التضخم، وهو ما يعود بالنفع على الجميع.
في الواقع، تسمح التكنولوجيا والإدارة الجيدة بتحسين الخدمة بشكل جذري مع عدد أقل من الموظفين. وإعادة الحكومة الفيدرالية إلى المعايير التاريخية ليست مستحيلة ولا جذرية. ويمكن تحقيق كل ذلك من خلال النمو الحقيقي المستمر، والدفاع القوي، وانخفاضات سنوية بنسبة 5% في الإنفاق التقديري، فضلاً عن تضخم طويل الأجل بنسبة 1% بسبب الإنفاق الإجمالي والضرائب.
يمكن للرئيس ترامب، وبجهود إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، أن يضع أمريكا في وضع مذهل. جنباً إلى جنب مع إلغاء القيود التنظيمية، ونشر التفاؤل على نطاق واسع. لكن الحذر الشديد يبقى مبرراً، فالعملية الكاملة تستغرق سنوات لتنفيذها، وسوف يتطلب الأمر خليفة جمهورياً لفترتين رئاسيتين من أجل إحداث تأثير دائم. فالإنفاق الفيدرالي هو الصراع النهائي الذي يخوضه الديمقراطيون، وسوف تكون المعركة شرسة.
إن كــل موظف فيدرالـــي يُفصل، وكــــل وظيفة يعاد توزيعها، وكل دولار يجري تخفيضه في الإنفاق من الـ6.9 تريليون دولار سيُشكل أزمة. فعلينا ألا ننسى أننا قبل خمس سنوات كنا على ما يرام، رغم إنفاقنا 4.4 تريليون دولار.
* كاتب مقال في «أمريكان ثينكر»